23 - 07 - 2025

مدينتي الفاضلة | إهداء جيل بستان الاشتراكية.. إلى جيل كايروكي

مدينتي الفاضلة | إهداء جيل بستان الاشتراكية.. إلى جيل كايروكي

ظهر التليفون المحمول في التسعينات محدثا فجوة واسعة بين الجد والأحفاد.. وها هي الفجوات تتسارع وتعتقل جيلى بعيدا!! جيلنا لم يعاصر الملكية، لكننا رضعنا أغان ثورة 52 صغارا ورسمنا أحلامنا من كلماتها.. ثم لطمتنا نكسة 67 فاختل توازننا.. لأننا صدقنا كل كلمة كتبها صلاح جاهين وكبرتنا بدري، أفرزت أجيالا عفية.. بطولات نسائية وفدائية، علماء وشعراء، بساتين فواكه.. ومصانع لحقول القصب، يهدر مكنها في قنا ونجح حمادي، نحلى حياتنا ونغذي المواشي علفا.. يهدر مكن النسيج في المحلة نلبس فساتين حرير، ونفصًل لعمالنا أوفرولات زرقا، ولتلامذة مدارس الحكومة المجانية مرايل بلون لبس الجيش.. الله عليكي يابلدي!

بسرعة البرق واحنا لسه أطفال، تنتشر شارة " صنع في مصر"!! علامة جودة وفخر شعب صَدًق وآمن فاجتهد بفرح وحصد بزهو، وصدًر زهوره سمادل لتاني أحلام ناصر.." أمة عربية" نخضر صحاريها ونبدل خيامها حضارة، ونؤسس لمجد العرب!!

كبرنا على صوت المكن الداير، وعجلات قوافل سيارات توزيع منتجات الصناعة الوطنية، ونشيد الصباح في المدارس، وخطب عبد الناصر الحماسية بذكاء محمد حسنين هيكل.. توليفة حياة أفرزت مجتمعا متكاملا، علما وعملل ، ثقافة وفنونا، مسرحا وسينما.. عشنا بدايات شبابنا داخل أوركسترا وطنية حماسية، وشارع آمن بصرخة عسكري الدورية أبو بندقية خشب!! نكبر، نعاين تبدل الأحوال، لكن داخلنا صلبا بقوة أغاني الثورة قبل وفاة ناصر.. حتى بدأت الأرض تميد تحت أقدامنا، غامت الرؤية وتوالى ارتباكنا عهودا.. عشنا خوف فيلم الكرنك، ائتنسنا بصلاة أوتار عود الشيخ إمام للوطن، يصهلل مع الفاجومي احمد فؤاد نجم جاذبين شباب الجامعات رافضا مظاهر فساد، وقمع حريات، واعتقال معارضين.. أغاني الثورة حولت احلام ناصر إلى ميثاق للشباب، دستور حياة يعادل الدين، بفضل إبداع كتابها النابع من إيمانهم بمبادئ الثورة التي أعلنها زعيمها عبد الناصر.. كتب صلاح جاهين ، أحمد شفيق كامل، ومأمون الشناوي أروع الأشعار، وغناها عبد الحليم حافظ فملكت القلوب إلى يومنا هذا.. يسمعها جيلي فتطمئن نفسه، أشعر بالامتنان لكوني نتاج فترة تاريخية شكلت قناعاتي، حفرت أساساتي، عززت مناعتي، منحتي ما يعيننى على تحمل غربتى حاليا.

واليوم ، بمناسبة العيد الـ73 لثورة 52 يوليو.. اشتقت لفتح ألبوم أغاني الثورة، في محاولة مد جسور لتواصل أجيال.. لاعتقادي بالتوافق مع عشاق فريق "كايروكي"، أراهم امتدادنا المهمومين بقضايا الوطن والإنسانية مهما عاتبونا وادعوا عكس ذلك.. ربما تطربهم براءتنا أكتر من جفاف الذكاء الاصطناعي، ويصدقوا أن ماضينا كان سخيا، وليس رتيبا أبدا.  

نحن جيل أذهله تليفون سيارات الوزراء والأثرياء والنصابين.. وتزعجه مطاردة إعلانات تسويق استثمارات العرب في مصر على الموبايل!! ما علينا.. اتفضلوا نحتفل بسبعينية ثورة لم نحضرها لكنها احتلتنا وجعلتنا مبسوطين.. وأغانيها لسه بتطربنا :- 

أغنية " مطالب شعب" غناها حليم في احتفال العيد العاشر للثورة (1962) كلمات أحمد شفيق كامل / تلحين كمال الطويل/ وحضرها جمال عبد الناصر في نادي ضباط القوات المسلحة كالعادة.

" هندزها ياجمال وهنبنيها/ وهنطلع فوق السما بيها/ حياتنا بلدنا اللى كنوزها/ رجعت لاصحابها واهاليها.. بلد الثوار، كلها أحرار/ ولا كلمة لغير شعبها فيها/ ..ولا كلمة!!.. / النهاردة وكل عامل له نصيبه ف مصنعه/ النهاردة وكل فلاح له قيراط بيزرعه/ النهاردة وخير بلدنا لشعبها/ للشعب كله بأجمعه/ باسم اللاجيء، باسم حقوقه في فلسطين/ باسم دمانا، باسم  الشهدا الفدائيين/ عايزين العودة لأراضينا/ نرجع وياك للقدس هناك، ولحيفا ويافا تعود لينا/ يا واخدنا لنور الحرية/ لطريق أمجادنا القومية..... تصدقوا ان دى مطالبنا من 67 سنة!!

وبعدها بعامين- 1964- احتفلنا بحضور ناصر بتحويل مجرى نهر النيل.. غني حليم " بستان الاشتراكية" كلمات جاهين، لحن الموجي.. -"افتح .. افتح.. على راس بستان الاشتراكية واقفين بنهندز ع الميه/ أمة أبطال عٌلما وعمال ومعانا جمال، بنغني غنوة فرايحية/ افتح على حوض الورد  أبو 80 مليون شجراية/ .. اقفل عالحيرة السيرة، وهات شربات للكل/ اقفل عينك وافتحها تلاقي الشوك بقى فل/ وزهور ليمون صابحة ف يافا بتضحك وتطل/ افتح صندوق العيد.... " غالبا ريحة الفساد واعتقال المعارضين لوثت البستان.

وغنينا " يابحر الثورة ياهادر" مع جاهين والطويل وحليم " يا بحر الثورة ، خللي هديرك بنظام/ من صوت المكن الداير، عين العدو مش بتنام/ وانت ياشبابنا اتقدم، جه دورك ف التاريخ/ بايديك لازم تتقدم مصر ف عصر الصواريخ/ وشبابنا نهض ياحبايب...." ولسه عين العدو مفنجلة!!

وفي احتفالات نصر اكتوبر 73 قدمت سعاد حسني أوبريت "فرح" هدية لجيشنا العظيم، ولشهداء سينا.. كلمات نجم ألحان الطويل.. غنت سعاد بفستان فرح يضوي بخيوط فضة، ومعها كورس ملايكة أطفال.. " دولا مين ودولا مين، دولا ولاد الفلاحين/ دولا الورد الحر البلدي، يصحى يفتح تصحي يابلدى/ دولا خلاصة مصر ياولدى/ دولا عيون المصريين/ دولا القوة ودولا العز/ يهدوا الغالي مهما يعز/ هز يا دفعة هلالك هز/ واحنا وراك ملايين جاهزين/ دولا اخوتنا ودولا بنينا/ دولا الأمل اللى مخللينا فوق الجرح نقوم سالمين/ دولا يا سينا ولاد الشهدا/ دولا التار لا ينام ولا يهدا /خللى ترابك يسكن يهدا /طول ما بهية ف حضن ياسين..." وتحيا مصر لكل بهية وياسين.  
----------------------------
بقلم: منى ثابت



مقالات اخرى للكاتب

مدينتي الفاضلة | إهداء جيل بستان الاشتراكية.. إلى جيل كايروكي